معركة الدلاج للاستاذ قرّود امحمد

جويلية …شهر الشهادة و استرجاع السيادة .



في بداية شهر جويلية 1957 لما كانت الولاية السادسة عموما و الجلفة خصوصا يميّزها التنظيم العسكري المحكم ، و كان ابطالها يؤرقون مضاجع العدو الاستعماري ، كانت هناك مؤامرة دنيئة تحيكها أ ايدي المخابرات الفرنسية بقيادة الجنرال ايمز (AIMEZ )وقائد المظليين روكول ( ROKOLE ) وينسقها الخائن محمد بلونيس ، و سيكون الضحية  الاولى لتلك المؤامرة ابطال مدينة مسعد الذين تساقطوا شهداء في مؤامرة  دلاج في 02 جويلية 1957 .

معركة دلاّج أو مؤامرة دلاج ( بجبال بتصالح ) .
في نهاية ماي وبداية جوان 1957 عقد اجتماع الاتحاد بين الولاية الخامسة والولاية السادسة ممثلة في القائد عمر إدريس الذي سافر بعدها مباشرة إلى المغرب لجلب السلاح وتم تعيين سي العربي مزيان المعروف ( بالعربي القبائلي ) على راس وحدة بوكحيل بالناحية الثانية وصار زيان البوهالي نائبا له .
وتبدا خيوط المؤامرة التي نسجها العربي القبائلي مع الخائن بلونيس في نهاية شهر جوان 1957 ضد الثورة التحريرية عموما و القائد زيان البوهالي ـ ( ابن قرية فيض البطمة )ـ  خصوصا الذي حقق انتصارات عسكرية باهرة ضد الجيش الفرنسي خاصة في معركة الحواص افريل 1957 وكاد اسم زيان البوهالي يغطي على العربي و أمثاله .
أحداث المؤامرة ومعركة دلاج  .
     كان أول عمل يكلف به زيان البوهالي نصب كمين لقافلة عسكرية فرنسية ـ (سيارات وشاحنات تحمل المؤونة وتحرسها سيارات عسكرية ) ـ على الطريق الرابط بين مسعد والجلفة ( منطقة بتصالح )  وكان وصول زيان لموقع العملية في 30 جوان1957 على أمل أن تصله وسائل الكمين ( المتفجرات ) فجر ذلك اليوم ، لكن الغريب في الأمر و المؤشر الواضح على تواطؤ العربي مزيان في هذه العملية أن المؤنة لم تصل القائد زيان إلا بعد يوم من الانتظار وما يمثله ذلك من خطر على الكتيبة المتواجدة بالمكان ، ضف إلى ما سبق أن المكلف بالعملية كتيبة كاملة يصل عددها إلى 110 جندي في منطقة جرداء يصعب فيها الاختباء أو الانسحاب ، والأغرب مما سبق أن العربي القبائلي كان على علم بالحشود العسكرية التي تجمعها فرنسا في مسعد وعين الإبل للانقضاض على جيش زيان البوهالي ومع ذلك بقي متفرجا على الوضع وهناك مصادر متطابقة تؤكد أن وشاية من العربي القبائلي للجيش الفرنسي ابلغه فيها بكل تفاصيل هذا الكمين .
في 01 جويلية 1957 وصلت الذخيرة لكتيبة زيان البوهالي ووضع كمينه على وجه السرعة ولكنه فوجئ بوصول قوات فرنسية ضخمة غير متوقعة العدد من مدينة مسعد متكونة من مدرعات وسيارات مصفحة ، ورغم انفجار الألغام على الدورية الفرنسية وتدمير إحدى المصفحات إلا أن القائد زيان اشتم رائحة المؤامرة و أمر جيشه بالانسحاب من الموقع بعد ما تأكد أن الكمين قد نصب له ولكتيبته ، وكانت الوجهة نحو منطقة الدلاج التي تبعد عن موقع الكمين بحوالي 10 كلم  حيث المؤونة ووفرة الماء ولم يصل زيان وكتيبته ذلك الموقع إلا في وقت متأخر من الليل وقد أنهكهم التعب والجوع ، وفي فجر اليوم التالي 02 جويلية 1957 فوجئ المجاهدون بأعداد ضخمة من جيش العدو تطوق منطقة الدلاج معززة بأنواع مختلفة من الطائرات الحربية .
    بسرعة فائقة قام القائد زيان بتقسيم كتيبته إلى 03 فرق لتشتيت قوات الجيش الفرنسي ولتسهيل عمليات الانسحاب ، لتبدأ معركة الدلاج الطاحنة من طلوع الفجر إلى المساء ، واستعملت فيها أنواع الطائرات المقاتلة وقنابل النابالم المحرمة دوليا والغازات الحارقة وانزل مئات المظلين في موقع المعركة .
   استبسل المجاهدونأمام هذا الجحيم من النيران والحمم المنبعثة من كل مكان في موقف بطولي رغم نقص العدة والعتاد ، و التحموا مع قولت العدو بالاسلحة البيضاء و كبدوا الجيش الفرنسي خسائر فادحة ، و امام هذا الصمود  الاسطوري يجن جنون القادة الفرنسيين و يعطون الاوامر بقنبلة ميدان المعركة  دون تمييز (خاصة ان جزء كبير من الجيش الفرنسي من المرتزقة الذين لا يهتم العدو كثيرا بقتلهم ) .
نتائج المعركة او المؤامرة .
ـ انجلت تلك المعركة على خسائر كبيرة للعدو  قدرتها إذاعة صوت العرب بالقاهرة وصوت الجزائر بأكثر من 400 قتيل وفي المقابل استشهد 72 من خيرة أبناء المنطقة .
ـ اسر 25 مجاهد بعد نفاذ ذخيرتهم ، وجرح الكثير منهم ولم ينجو من المعركة سوى 13 مجاهد بعدما تمكنوا من الانسحاب بأعجوبة عند حلول الظلام .
ـ كان سيد الشهداء في هذه الملحمة التاريخية القائد و ضابط جيش التحرير زيان البوهالي بن البوهالي ( المعروف ببلخيري زيان )
 ـ في اليوم التالي للمعركة اتصل العربي القبائلي بالخائن ببلونيس بعدما قدم له برهان الولاء والطاعة  من خلال هذه المؤامرة وخطط معه لمؤامرة أخرى لاتقل دناءة عن الأولى وذلك للقبض على القيادات الثورية في المنطقة  وتم استدعاؤهم كل على حدى وسلمهم للخائن لبلونيس في منطقة قعيقع أين تم إعدام اكثر من 84 قائدا ليفصح المجال في المنطقة أمام خيانة بلونيس وأذنابه أمثال العربي القبائلي ولكن هيهات أن تتمكن الخيانة في منطقة سقيت بدماء الشهداء الأبرار .
قرود امحمد استاذ التاريخ بجامعة الجلفة 


تعليقات

  1. ان معركة دلاج من المعارك البطولبة وملحمة من ملاحم الثورة الجزائرية وارى خسارة المعركة ببطولة فهولايقل اهمبة استراتجية عن الانتصار .. اخي الاستاذ محمد قرود مشكور على الحفاظ على الذاكرة التاريخية ، وعلى التوثيق المتميز .

    ردحذف
  2. ان معركة دلاج من المعارك البطولبة وملحمة من ملاحم الثورة الجزائرية وارى خسارة المعركة ببطولة فهولايقل اهمبة استراتجية عن الانتصار .. اخي الاستاذ محمد قرود مشكور على الحفاظ على الذاكرة التاريخية ، وعلى التوثيق المتميز .

    ردحذف

إرسال تعليق